الأم الطيبة أم الحازمة؟؟؟؟!!!!

14

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

الجمع بين الطيبة والحزم في التعامل مع الأطفال من الأمور الصعبة والمعقّدة أحيانا بالنسبة للآباء والأمهات، ولا يمكن الاستغناء عن أحد طرفي هذه المعادلة، فالطيبة والتعاطف مهم لنظهر مدى احترامنا لمشاعر الطفل، والحزم كذلك مطلوب لتلبية احتياجات مواقف تربوية متعددة واحترامنا لأنفسنا كآباء.
ولكن كثيرا ما يخلط الكبار بين الطيبة والحنان وبين التساهل والدلع المفرط، فلا أوامر أو التزامات مطلقا، طلبات الطفل كلها مجابة في أي وقت، وفرض الحماية عليه حتى لا يتعرض لمشاعر أو مواقف سلبية قد تصيبه بالإحباط أو القلق، اعتقادا من الوالدين أنهما بهذا الشكل يقدمان له كل المساندة والدعم.
وعلى الجانب الآخر، هناك الفريق الذي يتبنى سياسة الحزم والتحكم المفرط بحيث تتحول العلاقة بين الوالدين والطفل إلى أوامر متكررة، لا يتم منحه أي خيارات وينفذ الأوامر دون نقاش أو اعتراض.
هذا هو التوازن بين معنى التفهم وتقدير المشاعر(أحبك)، وفي الوقت نفسه الإصرار على عدم الاستجابة لإلحاحه أو مطالبه الغير مناسبة من وجهة نظرك كولي أمر.
.
تعالوا نستعرض ذلك بشكل تطبيقي على أرض الواقع…
.
موقف1: يرفض الطفل الالتزام بالاتفاقات المسبقة:
فمثلا يحتج ويغضب بشدة عندما تخبره أن عليه الرحيل من النادى أو غلق التليفزيون أو الذهاب للنوم أو ترتيب ألعابه على الرغم أنك اتفقت معه على حدود الوقت المسموح.
كيف ستتصرف؟
– تصديق المشاعر والحذر من التحقير أو السخرية منها قائلا: أنا أعلم جيدا أنك تريد أن تقضي وقتا أطول مع أصحابك ونحن نحتاج أن نرحل الآن، أو تحب أن تشاهد التليفزيون أكثر من الواجب والواجب يحتاج أن ننتهي منه. (لاحظ استخدام عبارات موجزة وقصيرة ولكنها واضحة)
– باستخدام نفس تعابير الوجه الهادئة والحفاظ على نفس نبرة الصوت المحترمة، قم بتذكيره بالاتفاق المسبق بينكما قائلا: أنا أعلم أنك لا تريد أن ترتب ألعابك واحنا اتفقنا على ايه؟
– قدّم له اختيارات ليشعر ببعض من الحرية وعدم القهر أو الكبت قائلا: أنت لا تريد أن تنام وحان الآن وقت النوم، تحب أن نقرأ قصة واحدة أم قصتين بعد أن ترتدي البيجامة؟
– إذا رفض الخيارات التي تقدمها، قد تقدم له اقتراحا واحدا ثم تقرر أنت الخيار المناسب: أعرف أنك تريد أن تستمر في لعب البلاي استيشن والوقت انتهى، تستطيع أن تغلقه الآن أو نضعه في الدولاب.
ستلاحظ في العبارات السابقة أننا نستخدم(و) بدلا من (لكن)، فالعبارة كلها تسير في نفس السياق.
.
موقف2: لا تدخل في معركة خاسرة مع طفلك قد تفقد فيها جزءا من الاحترام:
قام طفلك برفع صوته عليك وتحدث معك بأسلوب غير لائق أو محترم، كيف ستتعامل معه؟
– أولا انسحب من الموقف واترك الغرفة الموجود بها الطفل.
قد يظن البعض أن هذا التصرف يعدّ هروبا من الموقف، واختيار الحل الأسهل وهو التجاهل دون تقويم سلوك الطفل!
في حين أنك بهذا الشكل تحافظ على هيبتك واحترامك بشكل عملي أمام طفلك، ولا تجرئه عليك، ففي نوبات الغضب الشديدة، يتحكم العقل البدائي اللاواعي في مشاعرنا، ويلجأ إما للهجوم (ألفاظ نابية، يرمي ألعابه، صوت عالي، ضرب) أو الهروب (يجلس وحيدا، ينسحب، ينام، يرفض التواصل) لذا يحتاج الطفل أن يهدأ كي يستعيد العقل الواعي سيطرته مرة أخرى.
– عندما يهدأ الطفل انتهز الفرصة لتتحدث معه عن ما بدر منه بالفعل، ابدأ أولا بالتصديق على مشاعره وتفهمك قائلا: حبيبي أنا أعلم جيدا أنك كنت تشعر بالغضب الشديد وأنا احترم مشاعرك و….(اعرض الموقف مرة أخرى وعلّق على سلوك الطفل).
– اعقد معه اتفاقا مسبقا: كثيرا ما يطمئن الطفل حين يكون على علم مسبق بردة فعلك تجاه بعض المواقف، فمثلا أخبره أنه في حالة غضبه الشديد أو التحدث بأسلوب غير لائق ستضطر أن تبتعد عنه قليلا على الرغم من أنك تحبه وتودّ أن تظل بجانبه، وعندما يهدأ ويكون جاهزا للحوار بشكل محترم ومهذب عليه أن يخبرك، وستكون سعيدا أن تبحثا سويا عن وسيلة تساعده ليتجاوز مشاعر الغضب أو الإحباط.
تجسدت الطيبة هنا في تقدير المشاعر، أما الحزم فكان الإصرار على عدم قبول الصوت العالي أو الأسلوب الغير مهذب مهما بكى الطفل أو ألحّ عليك أو حاول أن يستفزك.
.
تعدّ وسيلة الجمع بين الطيبة والحزم من أدوات الانضباط في التربية الإيجابية والتي تتبنى نظرية عدم تصنيف الطفل أو وضعه في قالب المهذب والغير مهذب، ولكنها مجرد سلوكيات جيدة أو سيئة، فالسلوك الإيجابي يتم تعزيزه، والسلبي نتخلص منه، لكن بشرط عدم إيذاء الطفل بأي شكل من الأشكال سواء لفظيا أو بدنيا، وتدريبه على التعامل السليم مع المواقف والمشاكل المختلفة والبحث بنفسه عن حلول لها.
.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

التعليقات متوقفه